الذكاء الاصطناعي: قوة سعودية جديدة في عالم متغيّر
في عصر تتقاطع فيه التقنية مع كل تفاصيل الحياة، لم يعد الذكاء الاصطناعي ترفًا علميًا أو مشروعًا مستقبليًا، بل أصبح أداة يومية تُعيد تشكيل الاقتصادات، وطرق التفكير، ومفاهيم القوة.
المملكة العربية السعودية، برؤيتها الطموحة 2030، لم تكتفِ بتبنّي الذكاء الاصطناعي، بل قررت أن تكون رائدة فيه عالميًا.
ومن خلال تجربتي كمدرب وطني شاب في مجال الذكاء الاصطناعي، أشارككم رؤيتي لهذه التقنية، وكيف يمكن أن تتحول من خوارزميات إلى قوة وطنية استراتيجية.
1. الذكاء الاصطناعي… ليس فقط روبوتات:
الكثير يظن أن الذكاء الاصطناعي محصور في الروبوتات أو التطبيقات الترفيهية، والحقيقة أوسع من ذلك بكثير.
الذكاء الاصطناعي:
• يتواجد في الصحة لتشخيص الأمراض.
• وفي الزراعة لتحسين الإنتاج.
• وفي الطاقة لترشيد الاستهلاك.
• بل حتى في القضاء والتعليم والأمن.
هو عقل رقمي مساعد، لا يُلغينا، بل يُمكّننا.
2. الذكاء الاصطناعي بصبغة وطنية
المملكة اليوم لا تستهلك الذكاء الاصطناعي فقط، بل تطوّعه وتطوّره لخدمة أهدافها الاستراتيجية:
• تأسست الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتكون الذراع الوطنية في هذا المجال.
• أُطلقت استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي لتجعل السعودية من ضمن أول 15 دولة رائدة في التقنية.
• وبدأت الجامعات والجهات الحكومية في تبنّي مشاريع مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كتطبيقات المرور، والتحول القضائي الرقمي، وغيرها.
ومن هنا، نحن نؤسس لذكاء اصطناعي سعودي يخدم الناس ويعكس قيمنا.
3. التحدي الأكبر: وعي الإنسان قبل تعليم الآلة
أحد أهم الدروس التي أشاركها في تدريباتي:
“الآلة تتعلّم بسرعة، لكننا مسؤولون عن ماذا نعلّمها ولماذا.”
الذكاء الاصطناعي ليس فقط تقنية… بل انعكاس لقيم من يصممه.
إن برمجته بلا وعي، قد تزرع تحيّزًا أو خطأً يؤثر على القرار والعدالة.
لذلك أؤمن أن بناء الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم بيد سعودية، بقيمنا الإسلامية، وعدالتنا، وهويتنا الإنسانية.
4. كيف نُسهم نحن كأفراد؟
حتى لو لم تكن مبرمجًا، لك دور:
• افهم التقنية ولا تخشَها، فهي أداة لا غاية.
• راقب تأثيراتها على حياتك وخصوصيتك.
• دافع عن خصوصيتك وحقوقك الرقمية.
• ادعم التعليم والتدريب الوطني في هذا المجال.
وأنا شخصيًا أعمل على تقديم برامج موجهة للطلاب والمهتمين باللغة العربية وبأسلوب مبسط، لتمكين الجميع من دخول هذا العالم.
ختاماً بالذكاء الاصطناعي ليس مشروع وادي السيليكون فقط، بل مشروع نهضة سعودية.
هو أحد أسلحتنا الجديدة لنصنع اقتصادًا متينًا، وعدالة متزنة، وخدمات تليق بمستقبل هذا الوطن.
لنأخذ التقنية، ونزرع فيها قيَمنا.
لنصنع ذكاءً اصطناعيًا لا يُقلّد الغرب، بل يقوده الشرق.
أنا أتعلم وأُدرّب اليوم، لأكون جزءًا من جيل يصنع أدواته بيده، ويخدم وطنه بعقله.
فمتى تبدأ أنت؟
بقلم : أوس بن فواز الفوزان